تم بدأ بيع أقراص دواء ثاليدوميد في جميع أنحاء العالم كعلاج لحالات الغثيان الصباحي للسيدات الحوامل في ألمانيا عام 1957 ، ولكن بعد فترة قصيرة من تناول هذة الاقراص ، خسرت آلاف النساء الحمل أو إذا اكتمل الحمل يولد الأطفال مصابين بعيوب خلقية شديدة والتي تؤدي إلي قصر الأطراف وتلويتها . بالرغم من قيام مؤسسة الصحة والدواء من ابعاد عقار الثاليدوميد من السوق في الولايات المتحدة ، كان هناك آلالاف السيدات الاتي لا تزالن تتناولن هذا الدواء ، وتم ولادة 17 طفلاً مصابين بتشوهات خلقية شديدة في الأطراف .
في أوائل الستينات صدرت التحذيرات في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم من ضرورة منع بيع أقراص الثاليدوميد .
تم سحب الدواء من الرفوف في الصيدليات ولكن تم إعادته للبيع مرة أخري بعد أن تم إعادة تصميم العقار لعلاج بعض أنواع السرطان والجذام والذئبة .
وكان لا أحد يعرف السبب وراء تسبب دواء الثاليدوميد للعيوب الخلقية الطرفية ، ولكن الآن ، اكتشف علماء معهد دانا فاربر للسرطان ( Dana Farber Cancer Institute ) أن دواء الثاليدوميد يتداخل مع ” مفتاح التشغيل ، ومفتاح إيقاف التشغيل ” للجين المسؤول عن تكوين الأطراف في الجسم .
تاريخ عقار الثاليدوميد
ظهر عقار الثاليدوميد لأول مرة في غرب المانيا في عام 1957 حيث كان يوصف أولاً من أجل علاج القلق واضطراب المعدة والتوتر .
ولكن سرعان ما اتخذ الثاليدوميد مكانة في علاج غثيان الصباح خاصة لدي السيدات الحوامل ، وسرعان من أصبح يوصف بدون وصفة طبية ( OTC drug ) .
ولكن سرعان ما تم اكتشاف مخاطره وآثاره الجانبية ـ حيث بمجرد أن أصبح هذا العقار منتشراً في ألمانيا الغربية ، ولد ما بين 5000 و 7000 طفل بسيقان وأذرع مشوهة ، وهي حالة تُسمي فقيمة الأطراف ( phocomelia ) .
بعض الأطفال لم يكن لديه أيدي أو أرجل علي الإطلاق ، والبعض الآخر كان عندهم أطراف قصيرة جداً ، أو أيدي أو أقدام مشوهة ، أو أجزاء جسم ناقصة مثل الزعانف .
ولد 100.000 طفل آخر مع نفس الحالة في جميع انحاء العالم ، وقد نجا 40 % فقط من أطفال ألمانيا الغربية و 50 % من المولودين في بلدان اخري .
في المملكة المتحدة ، ولد 2000 من الأطفال ما يُسموا بالثاليدوميدين عامي 1957 و 1960 .
فقدت آلالاف من النساء الحمل في أواخر 1950 وأوئل 1960 وهي ظاهرة مرتبطة أيضاً بتناول عقار الثاليدوميد .
بحلول عام 1962 ، كان معروفاً علي نطاق واسع المخاطر التي يتسبب فيها عقار الثاليدوميد وبدأت أن تختفي من علي الأرفف .
اكتشف الأطباء أن لها بعض الفعالية في علاج حالات الجذام ، وفي الثمانينات من القرن الماضي تم إعادة تصميمها لعلاج أحد أنواع السرطان ، الذي يُسمي الورم النخاعي المتعدد عن طريق وقف نمو الأوعية الدموية لتغذية الأورام .
ويلقي هذا الاكتشاف الثاليدوميد في ضوء جديد ، حيث أنه يُمكن أن يكون أداة قوية في مكافحة مرض السرطان ، ولكن العيوب الخلقية المخيفة الغامضة ظلت تشكل حاجزاً أمام استخدامه وتطوير المزيد من العقاقير ذات الصلة أيضاً .
في السنوات الأخيرة ، سعي الباحثون في مختبر الدكتور إيريك فيشر في مهعد دانا فاربر للسرطان إلي البدء في إزالة هذا الحاجز المخيف .
توسع هولاء الباحثون في العمل السابق ، وكسروا ما يفعله الثاليدوميد للمادة الوراثية .
حيث إن الجين الذي يُسمي SALL4 له دور أساسي في تكوين الأطراف خلال فترة الحمل ، بالإضافة إلي الترميز لشبكة من الصفات الأخري للجنين .
اكتشف مختبر الطبيب فيشر وعلماء هارفارد ، الخلل الذي يحدث للبروتينات التي تتحكم في التعبير عن جينات معينة بما في ذلك S4LLA عند تناول الثاليدوميد .
ووجدوا أن الأشخاص الذين تعرضوا لحزف S4LLA ولم يتناولوا عقار الثاليدوميد كانوا يعانون من عيوب خلقية مماثلة تقريباً لتلك العيوب الخلقية الخاصة بأطفال الثاليدوميد وهي لا علاقة لها بالثاليدوميد .
هذا الاستنتاج وضعهم في مسار دراستهم ، وأدي إلي النتيجة التي تم نشرها حديثاً .
إن فهم الأهداف سيساعد علي فهم أفضل ( تأثير الثاليدوميد علي الجينات المتعددة ) وقد يمهد الطريق لتطبيقات جديدة ، وهذا وفقاً لكلام الدكتور فيشر لصحيفة ديلي ميل أونلاين .
والآن بعد أن عرف العلماء جزء الثاليدوميد الذي يسبب تشوهات خلقية ، يُمكنهم البدء في إعادي صياغة دواء مشابه يُمكن أن يكون له نفس فوائد الثاليدوميد في مكافحة مرض السرطان دون تأثيرات ضارة ، ويريد الدكتور فيشر أن يقود هذة المهمة .
قال الدكتور فيشر ” لقد تم استمثمار مختبري بعمق في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تعتمد علي نفس آلية العمل مثل الثاليدوميد ، وهو ما نسميه ” تدهور البروتين المستهدف ” نحن نتابع العديد من المشاريع التي تهدف إلي فهم أفضل للثاليدوميد ” .