يعتبر ظهور قوس قزح في السماء أحد أكثر الأشياء المثير للإهتمام و الجميلة و التي نراها وقت المطر في السماء. و تقول الأسطورة أنه في نهاية كل قوس قزح يظهر جني ” ليبريكان”، و هو يظهر بطول لا يزيد عن 2 قدم. و من المفترض أن يقضي ليبريكان وقته في صناعة الأحذية، و تقول الأسطورة أنه إذا أستطعت أن تبقي نظراتك عليه لفترة طويلة فسيدلونك على مكان الذهب الخاص بهم. و هذه الأفكار جميعها نشأت في مكان ما في أوروبا القديمة.
و يشاهد الناس بالفعل العديد من أقواس قزح و لكن لم يشاهد أحد هذا الجني ” ليبريكان”. و لكن هذه الأساطير و الحكايات المشابهة قد نشأت بسبب مشهد قوس قزح الملون الرائع. في الواقع يشير قوس قزح إلى أن المطر قد حدث و إنتهى. و بشكل عام سيكون الجو مشمس عادة عندما ترى قوس قزح، و لكن السحب الممطرة عادة ما تكون على مسافة قصيرة.
- لذلك فمن أجل رؤية قوس قزح جيداً سوف تحتاج إلى عنصرين: أشعة الشمس و قطرات المطر.
منشور من الماء
ضوء الشمس هو عبارة عن مزيج من الألوان. لذلك عندما يمر ضوء الشمس من خلال منشور زجاجي، فإن بعض الضوء ينحني، أو ينكسر أكثر من الأجزاء الاخرى. و ينتشر الضوء الذي يترك المنشور مكون مجموعة متواصلة من الألوان تسمى الطيف. و تتوزع الألوان بدءاً من اللون الأحمر و هو اللون الأقل إنحرافاً، ثم البرتقالي و الأصفر و الأخضر و الأزرق ثم البنفسجي و هو اللون الأكثر إنحرافاً.
[adsense336][/adsense336]
و كما ينكسر ضوء الشمس عندما يمر عبر منشور زجاجي، فإن هذا ما يحدث لضوء الشمس أيضاً عندما يمر عبر قطرات من الماء. و هذا ينتج عنه طيفاً شمسياً في الغلاف الجوي في السماء يستطيع الجميع رؤيته و هو قوس قزح.
قوس قزح ببساطة هو مجموعة من الأقواس الدائرية أو شبه الدائرية التي تظهر على شكل قوس ضخم في السماء. و تعمل قطرات الماء كمنشورات مصغرة و التي تفرق و تكسر أشعة الشمس إلى ألوان مختلفة، كما أنها تعكسها للحصول على الطيف.
و كثيراً ما يمكن رؤية قوس قزح بعد عاصفة ممطرة. و يحدث قوس قزح عندما ينكسر ضوء الشمس في غيوم المطر.
يمكنك عمل قوس قزح صناعي بإستخدام خرطوم الحديقة. كل ما عليك فعله هو أن تقف و تعطي ظهرك للشمس ز تقوم بظبط الخرطوم حتى يطلق رذاذ ناعم. و يمكن أيضاً أن ترى قوس قزح في إتجاه مضاد لرذاذ الشلال.
و يكون قوس قزح الأساسي أحمر اللون من الخارج ” أو أعلى القوس” و يكون أزرق من الداخل. و عادة ما يكون نصق قطر القوس يساوي حوالي ربع السماء المرئية، أو يميل بزاوية 42 درجة إلى الأحمر. و عندما تكون هناك القليل من الماء و الرذاذ فكل ما عليك فعله هو أن تنظر إلى الجزء المقابل للشمس من السماء بزاوية 42 درجة من ظلك، فإذا كان هناك قوس قزح في السماء فسيكون في هذا المكان.
يتكون القوس الأساسي بسبب الضوء الذي يدخل إلى الجزء العلوي من القطرات و يخرج بعد إنعكاس داخلي واحد. لذلك يكون هذا القوس أكثر إشراقاً من القوس الثانوي حيث تنعكس أشعة الشمس مرتين في قطرات المطر.
و في بعض الأحيان يتكون قوس ثانوي خارج المرحلة الأساسية. و يكون لونه خافتاً أكثر و ألوانه معكوسة: الأحمر في الداخل و البنفسجي في الخارج. و يكون قوس قزح الثانوي عند زاوية 51 درجة من ظلك، و هو خافت جداً و عادة ما يختفي بسرعة أكبر من الأساسي.
تبدو المنطقة الواقعة بين القوسين مظلمة نسبياً لأنها تفتقر تماماً إلى الأشعة المنعكسة التي إنعكست مرة أو مرتين. و هناك أدلة على وجود قوس قزح ثالث و الذي شاهده البعض و لكن في مناسبات نادرة. وعدد قليل من المراقبين قد أفادوا بأنهم رأوا قوس قزح الرباعي و الذي يظهر فيه القوس في الجزء الخارجي بمظهر متموج و نابض.
سنيل أم ديكارت ؟
لا يمكننا التأكيد يقيناً من هو أول شخص قدم التفسير الصحيح لما يسبب قوس قزح، و بالرغم من انه عادة ما يتم الإعتراف بأن هذا الحق يرجع للفرنسي رينيه ديكارت ( 1596 – 1650)، وهو فيلسوف و كاتب قام بوضع مناقشة رسمية و منهجية حول هذا الموضوع في ملحق أعماله الشهير ” محاضرة عن الطريقة” في عام 1637.
و من المفترض أن ديكارت قام بحساب دقيق فيما يتعلق بالمسارات التي إتخذتها الأشعة الضوئية في نقاط مختلفة من خلال كرة من الماء ( في محاكاة لقطرة المطر) و بالتالي حدد زوايا الإنكسار للأشعة، و كان الحل لمشكلة رياضية كانت صعبة على العلماء منذ 2000 عام و كان المفتاح لشرح ظاهرة قوس قزح.
و لكن كما تبين فإن ويليامورد سنيل عالم الفلك و الرياضيات الهولندي قج إكتشف قانون الإنكسار الرياضي قبل 16 عام من اطروحة ديكارت حول هذا الموضوع. و مع ذلك فقد فشل سنيل في نشر النتائج التي توصل إليها و توفى عام 1626. ثم بعد حوالي 80 عام بعد إكتشاف مذكرات سنيل، نشأ جدال عندما إتهم البعض ديكارت بمشاهدة مخطوطة سنيل بطريقة ما و الحصول على النتائج التي توصل إليها لنفسه.
كانت النتيجة النهائية أنه في الغرب و خصوصاً في البلاد التي تتحدث الإنجليزية أصبح قانون إنكسار الضوء يعرف بإسم قانون سنيل، بينما في فرنسا يشار إليه بقانون ديكارت. لذلك بينما قام ديكارت بتفسير ما هو قوس قزح، فهو لم يستطع القيام بذلك دون حسابات إنكسار الضوء. و لكن سواء كان ديكارت أو سنيل الذي ينسب إليه الفضل في ذلك، فنحن قد لا نعرف ذلك أبداً.
إلى أين ننظر و متى؟
يعرف البحارة منذ فترة طويلة من الزمن أن قوس قزح يمكن إستخدامه للتنبؤ بالطقس. فبشكل عام تنتقل الأمطار و العواصف الرعدية من الغرب إلى الشرق، و بالتالي هذا يؤكد المثل القديم الذي يقول:
قوس قزح في الصباح، تحذير للبحار، قوس قزح في الليل، فرحة للبحار.
في الصباح تكون الشمس في الشرق. لذلك لرؤية قوس قزح يجب أن تكون في مواجهة الغرب حيث تمطر. بما أن الطقس الشتوي يأتي عادة من الغرب، فيجب أن تحذر من قوس قزح في الصباح. ولكن في الليل ( في وقت متأخر من الظهيرة، تكون الشمس في الغرب. و بعد أن تمر عاصفة رعدية أو أمطار، فإنها تتراجع نحو الشرق و هناك سترى قوس قزح في السماء.
و لأن الأمطار تحدث أكثر في وقت متأخر بعد الظهر مما تكون عليه في الصباح الباكر، فإن وجود قوس قزح في وقت متأخر بعد الظهر يتكرر كثيراً أكثر منه في الصباح ولهذا السبب عادة ما يرتبط ظهور قوس قزح ببداية تحسن الطقس.
إذا كانت الشمس تغيب أو ترتفع يمكن رؤية نصف القوس الكامل. و إذا كانت الشمس في زاوية إرتفاع 42 درجة أو أعلى في الأفق، فلن تتمكن من رؤية قوس قزح لأنه سيكون تحت الأفق.
[adsense336][/adsense336]
ضع قبضة يدك على ذراعك الممدود فهذا تقريباً يساوي 10 درجات. و إذا كان إرتفاع الشمس تقريباً أربع قبضات في الأفق، فلن ترى قوس قزح. و الإحتمال الوحيد لرؤية قوس قزح في هذا الوقت هو أن تشاهده من طائرة أو من قمة جبل شاهق. حيث توفر الطائرة أفضل فرصة لمشاهدة قوس قزح بزاوية 360 درجة ضد الأرض. و لكن هذا المشهد لم يشاهده سوى القليل.
أنواع اخرى من قوس قزح
قد يظهر نوع آخر من القوس باللون الأحمر، أو الأحمر مع الأخضر مع الأقواس الأولية و الثانوية. و من حين لآخر يمكن رؤية عدة مجموعات من الألوان فقط داخل قوس قزح الأساسي. و تعرف هذه الألوان الزائدة بإسم قوس قزح الزائد، و قد تم شرح هذه الظاهرة عن طريق العالم البريطاني توماس يونج عندما أدرك أن الضوء يتكون من موجات. وهذا يكون بسبب إنكسار الضوء.
و كما رأينا فإن معظم أقواس قزح تنتج عن أشعة الشمس و ينظر إليها في النهار، و لكن في بعض الأحيان قد نشاهد قوس قزح ناتج عن القمر الكامل أو شبه الكامل. و غالباً ما يرى قوس قزح الناتج عن القمر حول الجزر الإستوائية، في منطقة الكاريبي مثلاً حيث يمكن أن تستمر الأمطار الخفيفة في السقوط ليلاً. و يشير معظم الناس إلى أن لونه يكون أبيض، و لكن روبرت جرينلير و المعروف بمحاضراته عن الظواهر البصرية يشير إلى أن هذا قد لا يكون عامل فيسيولوجي. و يشير إلى أنه في المستويات المنخفضة من الإضاءة تفقد العين حساسيتها للألوان، بحيث يظهر القوس القياسي المتعدد الألوان باللون الأبيض. و بالفعل يظهر قوس قزح بفعل القمر في عدة ألوان، و لكن بالنسبة للمصورين يبدو أبيض.
و أخيراً، يجب أن تعرف أنه لا يوجد شخصان – بالرغم من أنهما يقفان جنباً إلى جنب – يرون نفس قوس قزح. وذلك لأن قطرات المطر تتحرك بإستمرار. لذلك فإن مظهرها يتغير دائماً و قوس قزح هو قوس من دائرة يقع مركزها على الخط الممتد من الشمس إلى عين الشخص الذي يراه. و حيث أن من المستحيل أن تكون عيني الشخصين في نفس المكان في الفضاء في نفس الوقت، فإن كل شخص يرى قوس قزح مختلف.