في متحف ألاباما للتاريخ الطبيعي الواقع في حرم جامعة ألاباما في توسكالوسا، توجد قطعة صغيرة من صخور الفضاء السوداء. هذه القطعة صنعت التاريخ في 30 نوفمبر من عام 1954، عندما قامت بتحطيم سطح منزل ” آن هودجز ” في سيلاكوجا، ألاباما.
ضربت هذه الصخرة التي تزن 3.85 كيلوجرام هذه المرأة و هي تنام تحت اللحاف على الأريكة. و ضربت آن على الجانب الأيسر من جسدها حوالي الساعة 2:46 مساءًا. و في تلك اللحظة، أصبحت إمرأة ألاباما البالغة من العمر 34 عام أول شخص يرتطم به نيزك في التاريخ.
قبل أن يصطدم النيزك بغرفة معيشة آن، أفاد الناس في سيلاكوجا أنهم رأوا ضوءًا أحمر ساطع. و قد شبهوا الضوء على أنه كرة نارية، أو شمعة كبيرة تطلق ورائها دخان.
بعد أن هبط النيزك و رب آن، حاولت هي و والدتها معرفة ما حدث. كان المنزل مليء بالغبار، و إعتقدوا في البداية أن المدخنة قد إنهارت أو إنفجرت المدفأة. و لكن بعد إكتشاف الصخرة على الأرض و ظهور كدمة كبيرة على جسدها بحجم الأناناسة، قاموا بالإتصال بالشرطة و إدارة الإطفاء. مع وصول سيارات الطوارئ، بدأت الأخبار تنتشر بأن شيئًا غير عادي قد حدث في منزل آن.
عندما عاد زوج آن من عمله، إستقبلته على الشرفة و قالت أنه حدث شيء ما مثير اليوم. و كانت تشعر بالتعب لدرجة أنها إضطرت إلى دخول المستشفى في اليوم التالي. و قالت آن للصحفيين أنها لم تستطع النوم منذ أن أصيبت بالنيزك.
في نفس اليوم صادرت شرطة سيلاكوجا الصخرة السوداء و سلمتها لسلاح القوات الجوية. و الذي بدوره إستدعى جيولوجي لفحص الصخرة و معرفة مصدرها. و بعد التأكد من هوية الصخرة و أنها نيزك، كان من المفترض أن يتم الإحتفاظ بها في متحف. لكن آن طلبت أن يتم إعادة الصخرة إليها لتحتفظ هي بها. كما طالب أيضًا مالك الأرض ” بيردي جاي ” بالحجر النيزكي.
بعد عدة أشهر من الجدل القانوني، تمت تسوية القضية خارج المحاكم، و دفعت آن و زوجها 500 دولار لصاحب الأرض حتى يحصلان على النيزك. ربما كان كلاهما يأمل في كسب ثروة من بيع النيزك بأحد المزادات، و لكن هذا لم يحدث. و ظلت الصخرة في المنزل لديهما قبل أن يقوما بالتبرع بها لمتحف ألاباما للتاريخ الطبيعي ، حيث بقيت.
كان النيزك الذي أصاب آن هودجز جزء من قطعة صخرية أكبر سقطت عبر سماء ألاباما بعد ظهر ذلك اليوم.سقطت إحدى القطع على بعد أميال قليلة حيث وجدها ساكن آخر في منطقة سيلاكوجا. و هو مزارع يدعى ” جوليوس كيمبي ماكيني” و ذلك أثناء قيادته لعربة يجرها الحمير. لم يدرك ماكيني وقتها أنه كان نيزك، و قام بدفع الصخرة بعيدًا عن مسار عربته. في تلك الليلة و بعد أن سمع بما حدث في منزل آن هودجز، إستعاد الصخرة و أخذها إلى المنزل و ترك أطفاله يلعبون بها. و على عكس آن، جنى ” ماكيني ” ما يكفي من المال من بيع الصخرة لشراء منزل و سيارة. بعد ذلك بوقت قصير، تم التبرع بهذا النيزك للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في واشنطن.
في هذه الأثناء، أصبحت آن هودجز من المشاهير الصغار. ظهرت قصتها مع صورها على غلاف مجلة ” لايف “. و لكن أدى الضغط الناتج عن الإهتمام الذي تلقته إلى تعرضها لإنهيار عصبي، و تفاقمت مشاكلها الصحية، و نتيجة لذلك إنفصلت عن زوجها. توفيت آن بفشل كلوي في دار رعاية محلية عن عمر يناهز 52 عام.
و يقول مايكل رينولدز، عالم الفلك في كلية ولاية فلويدا و مؤلف كتاب ” Falling Stars :A Guide to Meteors & Meteorites ” أن قصة آن نادرة للغاية، لأن معظم النيازك تسقط في المحيط أو تضرب أحد الأماكن الشاسعة البعيدة على الأرض.
قال رينولدز ” فكر في عدد الأشخاص الذين عاشوا عبر تاريخ البشرية، ستجد أنه لديك فرصة أكبر في التعرض للإعصار، صواعق البرق، بدلًا من أن يصطدم بك نيزك”.
و بالرغم من ندرة حدوث مثل هذا الأمر، فإن هناك إدعاء يشير إلى وفاة أحد الأشخاص بسبب إصابته بنيزك و ذلك عام 1677. و تم تسجيل الأمر في مخطوطة نُشرت في تورتونا بإيطاليا، و كان نص المخطوطة :
كنا نعتقد أن وفاة الراهب سانتا ماريا ديلا بيس نتيجة الموت المفاجيء كانت بسبب صاعقة البرق، و لكن ما ظهر غير ذلك. سنروي ظروف ما حدث حتى لا يشكك أحد في صحته. سارع جميع رهبان دير القديسة مريم إلى الراهب سانتا ماريا، و ذلك بدافع الفضول و المساعدة، و كان من بينهم الراهب مانفريدو سيتالا. قام الجميع بفحص الجثة بعناية لإكتشاف آثار ما أصابه و أدى لوفاته. وجد الجميع جرح أسود اللون على أحد الفخذين، و لذلك رجحوا أنه بسبب الغرغرينا أو بسبب حريق ما. و بدافع الفضول قاموا بتوسيع الفتحة لفحص الجزء الداخلي منها، ولكنهم فوجئوا عندما وجدوا أسفل الجرح حجر مستدير هو الذي تسبب في هذا الجرح، و الذي قتل الراهب بطريقة فظيعة و غير متوقعة على الإطلاق.
ثم تقدم المخطوطة وصف للحجر :
يزن الحجر حوالي ربع أونصة، و له حواف حادة و يشبه سطحه إحدى العملات الفضية الموجودة في ميلانو . و لكن هذا الحجر لم يكن دائريًا تمامًا، حيث كان أحد جوانبه له زاوية منفرجة. كان يبدو مغطى بقشرة رقيقة من الحديد اللامع، و مكسور من المنتصف و تنبعث منه رائحة الكبريت التي لا تُحتمل.
و هناك بعض الحوادث المتعلقة بتساقط النيازك و التي حدثت مؤخرًا. ففي عام 2009، أصيب الصبي الألماني جيريت بلانك البالغ من العمر وقتها 14 عام، في يده بسبب نيزك بحجم حبة البازلاء. لم يصب بجروح خطيرة، تركت لبضخرة ندبة و أصابته بالرعب الشديد.
و في عام 1992، إنفجر نيزك فوق شرق الولايات المتحدة و إصطدمت إحدى القطع بسيارة شيفروليه متوقفة في بيكسكيل، نيويورك. في نفس العام، إصطدمت قطعة نيزكية صغيرة كتلتها حوالي 3 جرامات بصبي صغير في مبالي و لكن دون التسبب في أي إصابات.
مرة أخرى في عام 1994، كان زوجان إسبانيان يقودان السيارة بالقرب من مدريد، عندما حطم نيزك يزن 3 أرطال زجاج سيارته الأمامي و إنتهى به الأمر في المقعد الخلفي بالسيارة.