تسلل “توماس” إلى الغرفة المظلمة التى كان والده يستخدمها فى تحميض الصور الفوتوغرافية القديمة، وبدأ يعبث فى المعدات المتناثرة فى جنبات الغرفة محاولاً إعادة تلوين صورة صديقته “إلين” التى رحلت منذ عدة أشهر إلى حيث يعمل والدها فى إحدى ضواحى سان فرانسيسكو، فقد كان “توماس” ينوى مفاجأة “إلين” حين عودتها من الإجازة الصيفية بصورتها فى ثوبها الجديد .
بدأ “توماس” يخلط مجموعة من الأحماض والمواد الكيماوية لاستخدامها فى محاولته لتلوين النسخة العشرين من صورة “إلين”، فلم تكُ هذه المحاولة هى أولى محاولات ” توماس” لتلوين الصورة، وإنما تعرضت التسعة عشر نسخة السابقة من صورة “إلين” إلى العديد من التشوهات التى سببتها خلطته الجهنمية
كان “توماس” يعمل بهدوء وسرية متناهيين حتى لايتعرض إلى توبيخ والده البروفيسور “جِلن نول” الذى كان يُشاط غيظًا كلما رأى “توماس” يسكب هباءً الأحماض النادرة التى كان يحصل عليها البروفيسور بصعوبة بالغة .أمضى “توماس” هذه المرة أكثر من خمس ساعات داخل غرفة أبيه دون أن يشعر به أحد . وفجأة دخل البروفيسور صارخًا بأعلى صوته فى وجه “توماس” الذى تَسمّر أمام غضب والده ولهجته الحادة .رفع “توماس” يده المرتعشة التى كانت تحمل صورة “إلين” أمام وجه والده محاولاً تهدئته، فقد نجح “توماس” هذه المرة فى إعادة تلوين الصورة .نظر البروفيسور إلى الصورة وبدأت ملامحه تتبدل -شيئًا فشيئًا- من الغضب إلى الدهشة لِما رآه من الألوان الرائعة التى بدت عليها الصورة القديمة المتهالكة .وضع البروفيسور الصورة أمام عدسته المكبرة ، وأخذ يحملق فيها تارةً، ويضرب كفًا بكفٍ تارةً أخرى ثم نظر إلى “توماس” وسأله فى لهجة يملؤها الإعجاب والفخر : ” كيف فعلت هذا ياصغيرى ؟! “ تنهد “توماس” الصعداء، ثم بدأ يشرح لأبيه الطريقة التى أدت إلى إعادة تلوين الصورة بهذه الجودة .
ومنذ ذلك اليوم قطع البروفيسور على نفسه عهدًا بتوفير كافة الإمكانات المتاحة حتى يستطيع “توماس” تنمية موهبته الفريدة فى التصوير وتحميض الصور وتصحيح ألوانها وبينما كان الطفل “توماس” منغمسًا فى عالم التصوير بمساعدة والده، كان أخوه الأكبر “جون” مولعًا بعالم الكمبيوتر، وحرصًا من البروفيسور على المساواة بين ابنيه، فقد قام فى عام 1978 بشراء جهاز كمبيوتر من النوعApple لابنه “جون” ، بمناسبة بلوغه عامه السادس عشر، بينما كان “توماس”فى هذا الوقت مازال فى سن الرابعة عشر.
وضع “جون” جهازه الشخصى على طاولة داخل غرفة التحميض بجوار طاولة “توماس” المكتظة بأدوات التصوير، وبينما كان كل منهما يمارس هوايته المفضلة ، بادر “توماس” أخيه بسؤال عن إمكانية استخدام الكمبيوتر لتعديل ألوان الصور وتصحيحها، فكر “جون” قليلاً وأجابه بأنه لابد أن يكون ذلك ممكنًا، لكن الأمر يستلزم وجود برامج مناسبة للقيام بهذا العمل استهوت الفكرة “جون” ، وعكف على تنفيذ ما طرأ بخاطر أخيه وقام بعد عدة أشهر بإنتاج أول دالة فرعية (Subroutine) – وهى عبارة عن جزء من برنامج وليس برنامجًا كاملاً- لتعديل التدرجات اللونية فى الصور .
وفى عام 1987 قام “توماس” و “جون” بتجميع الدوال الفرعية التى قاما بإعدادها، ووضعاها داخل برنامج واحد أطلقا عليه اسمDisplay ، وكان ذلك أول برنامج متكامل للتعامل مع الصور الرقمية
وفى العام التالى قام الأخوان بتطوير البرنامج وأضافا إليه المزيد من الدوال الفرعية، بعد أن أطلقا عليه اسمImage Pro وسَرعان ما اشتهر البرنامج بين أصدقاء “توماس” و “وجون” ثم اشتهر بين المشتغلين فى مجال التصوير؛ الأمر الذى دفع شركةBarney Scan – التى كانت تنتج الماسحات الضوئية آنذاك – إلى التعاقد مع الأخوين على توزيع البرنامج مع الماسحات الضوئية(Scanners) وقد بيع من البرنامج خلال الشهر الأول أكثر من مائتين نسخة .
سعادة “توماس” و “جون” بهذا الإنجاز الضخم دفعتهما إلى توحيد جهودهما، وعكفا سويًا على تصميم دوال فرعية أخرى لتنفيذ العديد من المهام ، مثل : تصحيح درجات التوازن اللونى فى الصور، وطباعة الصور، وحفظها على وسائط التخزين، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها فى برامج أخرى .
وتوالت إنجازات معمل “توماس” و “جون” فى إنتاج العديد من الدوال الفرعية الخاصة بالتعامل مع الصور، وكان هذا المعمل هو أول معمل للتصوير الرقمى فى التاريخ .
وبينما كان “جون” وأخيه يسطران قصة نجاح رائعة فى عالم التصوير الرقمى، كان هناك “جون” آخر يسطر هو وزميله “تشارلز” قصة نجاح أخرى فى عالم الرسم باستخدام الكمبيوتر، فقد قام “جون ورنوك” وزميله “تشارلز جستك” بإنشاء شركة صغيرة أسماها Adobe والتى تعنى اللبنة ( الطوبة ) باللغة الإنجليزية، أو الشمس المشرقة باللغة الإسبانية، وكانت تلك الشركة آنذاك قد مر على إنشائها ست سنوات ولاتمتلك إلا برنامجًا واحدًا يسمى Illustrator ، وهو يستخدم فى رسم الأشكال المتجهة (Vector Shapes) التى تتكون من بعض الخطوط والمنحنيات الناتجة عن إجراء بعض المعادلات الرياضية لتحديد الأطوال والزوايا ، بالإضافة إلى امتلاكها بعض الأدوات البسيطة التى تستخدم فى أغراض الرسم والطباعة
وبعد عشرة أشهر من العمل المضنى والمجهود الشاق،تم تطوير برنامج Image Pro تطويرًا جذريًا، وطُرح بالأسواق بعد تغيير اسمه إلىAdobe Photoshop ، وهو البرنامج الذى اشتهرت من خلاله شركة Adobe كشركة متخصصة فى برامج الجرافيكس شهرة فاقت كل التوقعات .
وبحلول عام 1989 اتفق “جون ورنوك” و “تشارلز جستك” أصحاب شركةAdobe ، مع “جون جِلن” و “توماس جِلن” أصحاب برنامج Image Pro على شراء البرنامج بشرط أن يعمل الأخوان فى شركةAdobe مع مجموعة من أمهر مبرمجى العالم كمستشارين لتطوير البرنامج وبالفعل تم الاتفاق
والآن وبعد مضى أكثر من عشرين عامًا على الإصدار الأول لبرنامجPhotoshop ، أصبح الأخوان “توماس” و “جون” من أغنى الأغنياء، ولهما مشروعات استثمارية وخيرية متعددة فى سائر الدول، أما الصديقان “تشارلز” و “جون” فقد أصبحت شركتهما Adobe أكبر شركة لإنتاج برامج الجرافيكس فى العالم.
أما “إلين” صديقة “توماس” فلم تأتِ فى الإجازة الصيفية، ولا فى الإجازات التالية، ولم ترَ – حتى وقتنا هذا- صورتها القديمة التى كانت سببًا مباشرًا فيما وصلت إليه البشرية من تقدم مذهل فى عالم الجرافيكس.
على أية حال شكرا إلين.
المصدر : كتاب دليل الاحتراف Photoshop CS5.
ميرسى على المعلومات
شكررررررررررا علي المعلومات الجميلة
اشكرك على هذه المعلومة وننتظر المزيد
رائع معلومة اعرفها لااول مرة مشكوووووور جدا
وراء كل نجاح امرأه
تعجبني قصص النجاح، ويزيد اعجابي بها عندما تنتج عن التعاون، شكرا لكم
القصة ممتعة و االبرنامج هو وليد العمل المسترسل والمركز.
الطموح وليد فكرة و الفكرة برهة.
شباب لا تترك الطموح .
شكراً يعطيك العافية
شكرا الين .. شكرا فاطمة
هايل شكرا
chey jamile , kol ma 3ando irada yasna3 baha mo3jizet allah tbarek 3lihom
جميلة وملهمة شكرا
نور العراقية
التعاون شيء جميل جدا
شكرا لنشر القصة
ههه شكراااا الين
قصة رائعة