اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية تحبس الإنسان داخل دائرة من المشاعر السلبية التي لا حصر لها، وقد أشار الباحثين في علم النفس أن مشاعر الوحدة والاكتئاب التي قد ترافق الإنسان من مرحلة الطفولة سببها غياب الدعم الأسري لشخصية الطفل والاهتمام بتلبية الاحتياجات المادية له، وعادةً ما ترافقه هذه المشاعر السلبية حتى يبلغ سن البلوغ والشباب ويتحول إلى شخص منعزل كارهًا للمجتمع ومفضلًا للبقاء وحيدًا بعيدًا عن الآخرين، وقد أثبتت الأبحاث التي أجريت على عدد من الأشخاص المكتئبين أن شعورهم بالدونية وعدم الأهمية نابعًا من غياب مشاعر الألفة والمحبة، واحتياجهم الدائم لسماع كلمات الثناء والتشجيع من الأهل والأصدقاء والأحباء، وللتغلب على هذه المشاعر يجب تعلم كيفية تجاوز الشعور بالفراغ العاطفي، أو اللجوء إلى مختص في الطب النفسي إذا عجز الإنسان عن مداواة نفسه.
ما المقصود بالفراغ العاطفي في علم النفس
يُعرف الفراغ العاطفي بأنه شعور بالحرمان نتيجة لعدم وجود علاقات عاطفية أو شخصية كافية تقدم مشاعر الحب والمودة والتوافق والاهتمام للفرد، وخاصةً افتقاد الطفل للرعاية خلال فترة الطفولة التي من المفترض أن يقدمها كلًا من الأب والأم، وينبع الشعور بالحرمان العاطفي من عدم تلبية احتياجات الفرد العاطفية، ويبدأ إحساس الفرد بالفراغ العاطفي منذ الصغر ويتطور سريعًا خاصةً إن لم تقدم الأم الاحتياجات العاطفية الأولية والأساسية لطفلها، مما يولد بداخله مشاعر سلبية تنحصر في دائرة عدم الاهتمام ويشعر حينها بأنه شخص منبوذ أو غير مرحب به على الصعيد العائلي.
ما هي انواع الفراغ العاطفي
تعددت اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية لدى الفرد، فإن افتقاد الشخص إلى التواصل مع شخص يحبه ويهتم لأمره يدفعه إلى الشعور بالاكتئاب والعزلة، وهناك ثلاث أنواع من الفراغ العاطفي وهي:
- الحاجة إلى التعاطف: ينتج هذا النوع من الفراغ العاطفي من شعور الفرد بأنه لا يوجد من يسمعه بانتباه، وليس هناك من يحاول أن يتفهم مشاعره.
- الافتقاد إلى التواصل: يشعر الفرد بالحرمان من التواصل عندما يحتاج المرء إلى وجود شخص يدعمه ويمنحه المودة التي تُشعره بأنه بخير وأن هناك من يهتم لأمره.
- الحاجة إلى الحماية: ينتج هذا النمط من الفراغ العاطفي من شعور الإنسان بعدم وجود من يوجهه ويحميه.
ما هي أسباب الفراغ العاطفي في علم النفس
توجد عدة أسباب لشعور الإنسان بالفراغ العاطفي التي يترتب عليها معاناة الشخص من اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية، ومن أهم أسباب الفراغ العاطفي ما يلي:
وجود فجوة عاطفية بين الأبوين والأبناء
إن من أبرز أسباب الفراغ العاطفي التي يعاني منها الإنسان غياب العاطفة العائلية، فإن اهتمام الأهل دائمًا ما ينصب على توفير متطلبات الحياة الأساسية من ملبس ومأكل، ويغيب عنهم إظهار مشاعر الحنان والحب لأبنائهم التي تُشبعهم عاطفيًا.
عدم وجود علاقات صداقة قوية حقيقية
تعد علاقة الإنسان بصديقه الصدوق من العلاقات الإنسانية المهمة التي تؤثر على وجدان الشخص وحياته، فإذا ما وجد الإنسان نفسه بلا أصدقاء شعر بالفراغ العاطفي والوحدة.
حاجة الإنسان إلى تبادل الحب مع الجنس الآخر
تؤثر علاقة الحب على الصحة النفسية للفتاة أو الشباب خاصةً في مرحلتي المراهقة والشباب، فإذا غابت مشاعر الحب عن حياة الإنسان شعور بالوحدة القاتلة.
فقد الثقة بالنفس
عندما تغيب ثقة الإنسان بنفسه ويفتقر إلى الإحساس بالاعتزاز بالنفس يبدأ في البحث عن مصادر أخرى لكي يستمد منها الثقة بالذات، أهمها العلاقات المقربة منه في محيط العائلة والأصدقاء، فإذا عجز عن العثور على شخص ما يمده بمشاعر تعزز لديه الشعور بالثقة بالنفس فإنه بلا شك سيعيش داخل دوامة الفراغ العاطفي.
إدمان متابعة مواقع التواصل الاجتماعي
يتسبب إدمان متابعة مجريات الأحداث المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في جعل الفرد يشعر بالعزلة عن الواقع ويميل إلى الاكتفاء بالذات من خلال إبداء آرائه عبر حساباته على مواقع التواصل، بالتالي فإنه يتهرب من معايشة واقعه ويسعى إلى الاكتفاء بعالم افتراضي معلنًا عن حب مزعوم وعلاقات صداقة وهمية.
العادات والتقاليد الموروثة
تمنع العادات والتقاليد الموروثة الفتيات والشباب من عيش حياة سليمة، حيث يميل الأهل إلى منع الاختلاط ين الجنسين، وفي بعض المجتمعات المنغلقة يحرم الأهل بناتهم من التعليم أو العمل، وربما تُجبر الفتاة على الزواج دون أن تشعر بمشاعر التقبل أو الحب تجاه الزوج، مما يجعلها تعيش في مجتمع وهي شاعرة بالفراغ العاطفي.
اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية
يشعر الأشخاص الذين يعانون من الفراغ العاطفي بالاكتئاب والوحدة دون أن يدركوا السبب الخفي لهذا الشعور، وغالبًا ما يتطور الشعور بالوحدة من مرحلة الطفولة إلى مرحلة البلوغ والشباب، فإنهم يفتقدون إلى وجود أشخاص داعمين ومتفهمين لطبيعة شخصياتهم، مما يؤدي إلى شعورهم بالعجز عن التعبير عن مشاعرهم الحقيقية.
بالتالي يصبح أولئك الأشخاص أكثر عُرضة للاكتئاب والشعور بالاحتياج الدائم للعطف والمودة، وعلى المدى البعيد تتحول مشاعرهم إلى سجن وهمي يحبسوا بداخله وينفصلوا عن واقعهم نتيجة لشعورهم بعدم اهتمام الآخرين بهم وكأنهم أصبحوا غير مهمين لمن حولهم.
ما هي علامات الفراغ العاطفي
يصعب تحديد أسباب وجود الفراغ العاطفي في حياة الإنسان منذ اللحظة الأولى عند الشعور به، ولكن هناك علامات قد توحي بمعاناة الشخص من إحساسه بالفراغ العاطفي الذي يترتب عليه شعوره بالعديد من اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية مثل الاكتئاب والوحدة، وتتمثل هذه العلامات فيما يلي:
- الاعتماد على الآخرين.
- الحاجة دائمًا إلى وجود من يلبي احتياجاته العاطفية.
- كتمان المشاعر الحقيقية طوال مرحلة الطفولة.
- شعور الإنسان بافتقاده إلى الإحساس بأنه على قيد الحياة.
- حرمان الشخص من وجود أشخاص مميزين من حوله.
- صعوبة تفهمه لاحتياجاته ومشاعره.
- عدم شعوره بالتآلف مع المحيطين به.
- عدم وجود من يتقاسمون معه الأحلام والأمنيات.
- تفضيل الانعزال والشعور بالراحة عند الجلوس منفردًا بعيدًا عمن حوله من الأصدقاء أو الأقارب.
- التخوف من إيذاء مشاعر المحيطين به.
- الحساسية المفرطة تجاه انتقادات الآخرين لآرائه.
- حرص الإنسان على إرضاء الآخرين على حساب مشاعره.
- الشعور بالدونية والحرمان.
كيف يُمكن تجاوز الشعور بالفراغ العاطفي
يستطيع الإنسان أن يحمي نفسه من اضرار الفراغ العاطفي على الصحة النفسية من خلال معرفة خطوات تجاوز المشكلة والتي تتمثل في الآتي:
مواجهة النفس والاعتراف بالمشكلة: لا بد أن يعترف الإنسان أمام نفسه بأنه يعاني من مشكلة الفراغ العاطفي، ويجب أن يفهم حقيقة احتياجاته حتى يحمي نفسه من السلوكيات الخاطئة المترتبة على العزلة وفقدان الأهمية أو الإحساس بالذات.
تعزيز الثقة بالنفس: يجب أن يدرك الإنسان أن لكل شخصية نقاط قوة تمثل عوامل دفاع خاصة به، فإذا اهتم بمعرفة نقاط قوته وعمل على تطويرها تمكن من تعزيز شعوره بالثقة بالنفس.
محاولة إصلاح العلاقات الاجتماعية: إذا كان الفراغ العاطفي مصاحبًا للإنسان منذ مرحلة الطفولة، إذن عليه أن يتحدث مع أفراد أسرته بصراحة حتى يتمكن من تجاوز أهم عقبة من عقبات الفراغ العاطفي.
التعبير عن المشاعر بحرية: كثيرًا ما يعاني الإنسان من الفراغ العاطفي بسبب عدم قدرته على التعبير عن مشاعره، حيث يدفعه الخوف أو الخجل من التعبير عن مشاعره الصادقة تجاه الأهل والأصدقاء.
اللجوء إلى مختص في الطب النفسي: إذا توغلت مشاعر الفراغ العاطفي داخل الإنسان ووصلت إلى مرحلة الاكتئاب والألم النفسي، فلا حرج من طلب الاستعانة بطبيب نفسي للمساعدة في علاج المشكلة بشكل صحيح وسليم.
اترك لنا تعليق بالأسفل عن تجربتك أو تجارب المحيطين بك مع الفراغ العاطفي وكيفية التخلص منه